إعداد : محاور
يواجه العراق أزمات بيئية متفاقمة تهدد موارده الطبيعية واقتصاده ، تشمل هذه الأزمات التصحر وندرة المياه و التلوث الهوائي إضافة لارتفاع درجات الحرارة كاعلى معدلات عالمية حسب تقارير دولية بهذا السياق ، وتعود هذه التحديات بشكل جزئي إلى الاعتماد الكبير والأساسي على النفط والذي ينتج تأثيرات سلبية وتحولات مناخية وبيئية خطيرة، ومع تطور هذه الأزمات، تسعى الحكومة العراقية بالتعاون مع المنظمات الدولية، إلى تبني استراتيجيات تعزز الاستدامة البيئية والتنمية الاقتصادية.
التصحر وفقدان الأراضي الزراعية
العراق يعاني من تصحر مستمر، حيث تشير تقارير البنك الدولي إلى أن 39% من الأراضي العراقية تتأثر التصحر، وهذا الوضع يؤدي إلى تقليل الإنتاج الزراعي، وهو ما يهدد الأمن الغذائي في البلاد ويضاف لذلك جملة من التعقيدات بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض منسوب المياه، وهو ما يؤثر على المناطق الزراعية في البلاد.
ندرة المياه
تعد ندرة المياه واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها العراق، حيث توقعت الأمم المتحدة أن ينخفض مستوى المياه المتدفقة في نهري دجلة والفرات بنسبة تصل إلى 20% بحلول منتصف القرن، ويعد هذا التراجع في الموارد المائية إلى بناء السدود في الدول المجاورة وتغير أنماط هطول الأمطار، وتعد الأهوار الجنوبية من بين المناطق الأكثر تضررا مما اثر على الزراعة والثروة الحيوانية في تلك المناطق كمثال واضح للموضوع.
التلوث الهوائي
تعاني المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة من مستويات مرتفعة من التلوث الهوائي نتيجة الاستخدام المكثف للمولدات الكهربائية والسيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري، وفقا لمنظمة الصحة العالمية في عام 2023، فإن هذه الانبعاثات تسهم في زيادة الأمراض التنفسية، مما يشكل خطرا كبيرًا على صحة السكان، وخاصة في المناطق الحضرية.
العواصف الترابية
بسبب فقدان الغطاء النباتي وزيادة التصحر، يعاني العراق من زيادة في العواصف الترابية، والتي تؤدي إلى تلوث الهواء وتفاقم الأمراض التنفسية، بالإضافة إلى ذلك تزيد العواصف من تآكل التربة وتفاقم التصحر في البلاد، مما يعمق أزمة البيئة في العراق.
إدارة النفايات
تعاني المدن العراقية من مشاكل في إدارة النفايات، وفقا لبعض التقارير الحكومية المحلية فإن أكثر من 50% من النفايات الصلبة في المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة لا يتم التخلص منها بشكل صحيح، يؤثر ذلك سلبا على البيئة، حيث يتسبب في تلوث التربة والمياه ويزيد من انتشار الأمراض في المناطق المزدحمة بالسكان، وهناك جهود مستمرة لتحسين البنية التحتية لإدارة النفايات، لكن الوضع لا يزال يتطلب حلولا جذرية.
الحلول التي تسعى إليها الحكومة العراقية
1. الاستراتيجية البيئية (2024-2030): في ايلول 2024، أعلنت الحكومة العراقية عن استراتيجيتها الوطنية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز الطاقة المتجددة بنسبة 30% بحلول عام 2030، وتقليل الاعتماد على النفط، وتحسين إدارة المياه والنفايات الصلبة.
2. مشاريع التشجير: الحكومة أطلقت حملة لزراعة 5 ملايين شجرة في مارس 2023 بهدف مكافحة التصحر والعواصف الترابية، وتحسين جودة الهواء، وهذه الجهود تأتي ضمن مبادرة شاملة لتحسين الاستدامة البيئية وتعزيز الغطاء النباتي .
3. إدارة النفايات: الحكومة تسعى إلى تطوير نظام حديث لإدارة النفايات يتضمن بناء مرافق لإعادة التدوير وتقليل كمية النفايات غير المعالجة، هذه الجهود تهدف إلى تحسين جودة الحياة في المدن الكبيرة والحد من التلوث البيئي.
الآراء الدولية حول العراق
1. الأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP): يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الجهود الحكومية في العراق من خلال تقديم الدعم الفني والمالي لتطوير استراتيجيات بيئية مستدامة، وتركز هذه المبادرات على تعزيز الاقتصاد الأخضر، وإدارة المياه، وتخفيف تأثيرات تغير المناخ.
2. البنك الدولي: في تقريره لعام 2022، يشير البنك الدولي إلى أن العراق بحاجة إلى استثمارات تصل إلى 233 مليار دولار بحلول عام 2040 لمواجهة التحديات البيئية المناخية، هذه الاستثمارات تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والتحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
3. منظمة الأمم المتحدة للبيئة (UNEP): أشارت منظمة الأمم المتحدة للبيئة في تقارير سابقة إلى أن تغير المناخ في العراق يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والبيئية، ودعت المنظمة إلى تحسين إدارة الموارد المائية والحفاظ على التنوع البيولوجي في الأهوار، وحثت على وضع سياسات للحد من تدهور البيئة وزيادة الاستثمارات في الاقتصاد الأخضر.
More Stories
العلاقات الروسية-الإيرانية شراكة معقدة في ظل التوترات الإقليمية
عصر جديد للجغرافيا السياسية يتشكّل في COP29
الاتجاهات العالمية لمستقبل القوة العسكرية