يونيو 20, 2025

العلاقات الروسية-الإيرانية شراكة معقدة في ظل التوترات الإقليمية

Mandatory Credit: Photo by Alexander Kazakov/Sputnik Via/Planet Pix via ZUMA Press Wire/Shutterstock (14811579c) Russian President Vladimir Putin, right, greets Iranian President Masoud Pezeshkian, left, before a bilateral meeting on the sidelines of the 16th BRICS summit at the Kazan Kremlin, October 23, 2024 in Kazan, Tatarstan, Russia. Russian President Putin Bilateral with Iranian President Pezeshkian at the 16th BRICS Summit, Kazan, Tatarstan Republic, Russia - 23 Oct 2024

 

إعداد : محاور 

شهدت العلاقات بين روسيا وإيران تحولاً واضحاً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث تطورت هذه العلاقة من شراكة غير متكافئة إلى تعاون استراتيجي يهدف إلى مواجهة الضغوط الغربية. وفقا لتقرير صادر عن معهد العلاقات الدولية الفرنسي (#IFRI)، فإن هذه الشراكة، رغم تطورها في عدة مجالات مثل التعاون العسكري، النووي، والتكنولوجي، تواجه العديد من التحديات التي تعكس المصالح المتناقضة للطرفين.

التقرير يشير إلى أن روسيا تنظر إلى علاقتها مع إيران كوسيلة للتأثير على التوازنات الدولية والإقليمية، بينما تسعى إيران لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية محورية. ورغم توسيع التعاون بين البلدين، خصوصاً في مجالات الدفاع والطاقة، فإن هذه العلاقة لا تزال تتسم بعدم التكافؤ. موسكو تُظهر تردداً واضحاً في دعم طهران بشكل كامل في مواجهتها مع الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.

من الناحية الشعبية، تثير العلاقات مع روسيا جدلاً داخلياً في إيران. تُظهر استطلاعات للرأي أجرتها منظمة GAMAAN عام 2021 أن غالبية الإيرانيين يحملون وجهات نظر سلبية تجاه روسيا، حيث يعبر 65% منهم عن عدم رضاهم عن هذه الشراكة. هذا الرفض الشعبي يعكس تحفظاً واسعاً تجاه الاعتماد المتزايد على موسكو، خاصةً في ظل التاريخ الطويل من التوترات بين البلدين منذ الحقبة السوفيتية.

في الجانب العسكري، يتسم التعاون بين البلدين بالتحفظ. روسيا لم تسلم إيران أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة S-400 رغم المطالب المتكررة (حسب تقارير) ، مما يعكس رغبة موسكو في تجنب تصعيد التوترات مع الغرب أو إسرائيل. بالمقابل، أثبتت الأنظمة الدفاعية الإيرانية مثل “Bavar-373” فعاليتها ضد الهجمات الإسرائيلية، ما زاد من اعتماد إيران على قدراتها الذاتية، مع الاحتفاظ بعلاقة محدودة مع موسكو لتلبية احتياجاتها الدفاعية. 

اقتصادياً، تواجه العلاقة بين موسكو وطهران تحديات كبيرة، رغم المصالح المشتركة في مواجهة العقوبات الغربية. التعاون في قطاع الطاقة لم يشهد تقدماً يُذكر، حيث تعتمد إيران بشكل شبه حصري على روسيا والصين، مما يحد من قدرتها على تنويع أسواقها وتعزيز مواردها الاقتصادية. ومن جهة أخرى، تتعارض مصالح روسيا مع طهران في بعض الأحيان، خصوصاً في تعاملها مع دول الخليج. دعم موسكو لمواقف الإمارات بشأن النزاع على الجزر الثلاث يظهر التناقضات الاستراتيجية بين الطرفين، حيث تسعى روسيا للحفاظ على علاقاتها مع جميع الأطراف الإقليمية.

التوترات الإقليمية بين إيران وإسرائيل تلقي بظلالها على العلاقة بين موسكو وطهران. تسعى روسيا لتجنب الانخراط في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مع الحفاظ على علاقات وظيفية معها. هذا الموقف الحذر يعكس استراتيجية روسيا في تحقيق التوازن بين الأطراف المتصارعة، مع تجنب أي تصعيد قد يؤثر على مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

رغم هذه التحديات، تظل العلاقة بين البلدين قائمة على مصالح مشتركة. إيران ترى في روسيا شريكاً استراتيجياً يمكنها الاعتماد عليه لمواجهة الضغوط الغربية، بينما تسعى موسكو للاستفادة من طهران كوسيلة لتعزيز نفوذها في المنطقة وتحقيق توازن استراتيجي مع الغرب. ومع ذلك، فإن هذه العلاقة لا تخلو من التوترات، حيث تواجه كلا الدولتين تحديات داخلية وخارجية تعوق تطور شراكتهما بشكل كامل.

التقرير يخلص إلى أن مستقبل العلاقة بين روسيا وإيران يعتمد بشكل كبير على التطورات الإقليمية والدولية، خصوصاً في ظل الحرب في أوكرانيا والتصعيد المستمر في الشرق الأوسط. ورغم التعاون القائم بين الطرفين، تظل هذه الشراكة أقرب إلى تكتيك مؤقت يهدف إلى تحقيق مصالح آنية، بدلاً من أن تكون تحالفاً استراتيجياً طويل الأمد.

المصدر: تقرير “La relation russo-iranienne à l’épreuve de l’escalade militaire au Moyen-Orient”، معهد العلاقات الدولية الفرنسي (IFRI)،  2024.

About The Author