الأزمة العالمية الناشئة لاستخدام الأراضي

في ظل النمو السكاني المتسارع وارتفاع الطلب على الموارد الطبيعية، يواجه العالم أزمة خطيرة تتمثل في زيادة الضغوط على استخدام الأراضي، تقرير الأزمة العالمية الناشئة لاستخدام الأراضي الصادر عن مركز “تشاتام هاوس” يسلط الضوء على كيف أن الاستخدام غير المستدام للأراضي، والتنافس المتزايد على الموارد، يُهدد الاستقرار البيئي والسياسي العالمي ، أزمة الأراضي هذه تضع العالم في مواجهة تحديات بيئية واجتماعية واقتصادية تحتاج إلى حلول فورية وطويلة الأمد.

أبعاد الأزمة :

1. التنافس على الأراضي المنتجة :

تزايد الطلب على الأراضي المستخدمة لأغراض الزراعة، والإنتاج الغذائي، والطاقة المتجددة يجعل من الصعب تلبية احتياجات الجميع. على سبيل المثال، مع توسع العالم في استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يتطلب ذلك مساحات شاسعة من الأراضي، ما يزيد الضغط على الموارد الأرضية المتاحة ، في الوقت نفسه، يؤدي النمو السكاني وازدياد الحاجة إلى الغذاء إلى زيادة استغلال الأراضي الزراعية، مما يخلق تنافسًا مكثفًا على هذه الموارد .

2.التفاوت الجغرافي في الموارد الأرضية :

التقرير يشير إلى أن الموارد الأرضية موزعة بشكل غير متكافئ بين الدول، وهو ما يؤدي إلى تفاوتات كبيرة في كيفية استخدام هذه الأراضي. الدول ذات المساحات الشاسعة من الأراضي القابلة للاستغلال تجد نفسها في موقف مريح، بينما تعاني الدول التي تعاني من ندرة الأراضي الصالحة للاستخدام من تفاقم أزماتها الاقتصادية والبيئية ، هذا التفاوت يُهدد بزيادة التوترات الدولية، حيث تسعى الدول الأقل حظًا إلى تأمين احتياجاتها من خلال الاعتماد على استيراد الموارد أو التوسع في الاستخدام غير المستدام للأراضي .

3. التأثير البيئي:

الضغط على الأراضي ليس فقط نتيجة للزراعة والطاقة، بل أيضًا نتيجة لتدهور البيئة بشكل عام. تشير التقديرات إلى أن تغييرات استخدام الأراضي تساهم بشكل كبير في زيادة انبعاثات الكربون وتراجع التنوع البيولوجي، تغير المناخ يزيد من حدة هذه المشكلة، حيث تؤدي الفيضانات وحرائق الغابات وتآكل التربة إلى تقليص المساحات القابلة للاستخدام الزراعي. كما أن فقدان الغابات وزيادة التصحر يعمقان أزمة الأراضي، مما يجعل إيجاد حلول لهذه الأزمة أمرا بالغ الأهمية

التوصيات والسياسات المقترحة :

1. تقليل البصمة البشرية على الأراضي:

التقرير يدعو إلى ضرورة تقليل البصمة البشرية على الأراضي من خلال تحسين كفاءة استخدام الأراضي، وذلك عبر اعتماد تقنيات زراعية جديدة تقلل من الحاجة إلى المزيد من الأراضي. كما يقترح التقرير تحسين إدارة الموارد الطبيعية بحيث تركز الدول على استخدام أكثر استدامة للأراضي المتاحة.

2. تعزيز التعاون الدولي:

من بين التوصيات البارزة للتقرير هي تعزيز التعاون الدولي لإدارة الموارد الأرضية بشكل أكثر عدالة. الدول تحتاج إلى التنسيق معًا لتطوير حلول مشتركة لمشاكل الاستخدام غير المستدام للأراضي. هذا يتطلب وضع سياسات دولية تستند إلى التعاون والتكافل بين الدول لتجنب التنافس الضار الذي قد يؤدي إلى استغلال غير رشيد للموارد.

3. إعادة تقييم الثروة الأرضية :

التقرير يشير إلى مفهوم “الثروة الأرضية”، ويؤكد على أن الأرض ليست مجرد مورد اقتصادي، بل هي عامل استراتيجي يؤثر على السياسات الدولية والتوازن البيئي العالمي. لهذا، من الضروري إعادة تقييم قيمة الأراضي على أساس الكفاءة البيئية والاقتصادية، مع التركيز على الإدارة المستدامة ،يجب أن تكون الأرض في صميم السياسات الوطنية والدولية لتحقيق الاستدامة البيئية والاجتماعية

الخلاصة :

الأزمة العالمية لاستخدام الأراضي تضع العالم أمام تحديات كبيرة تتطلب تحركات جذرية. يجب على الحكومات تبني خطط وسياسات طويلة الأمد تُعطي الأولوية لاستخدام الأراضي بشكل مستدام، مع تعزيز التعاون الدولي لضمان إدارة هذه الموارد بشكل عادل ، الاستدامة وإدارة الموارد الطبيعية بطريقة شاملة يمثلان الحل الأمثل لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية المرتبطة باستخدام الأراضي.

للاطلاع على التقرير اضغط هنا