إعداد : محاور
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2003 ، تركزت العمليات العسكرية الإسرائيلية على شمال القطاع، حيث يتعرض المدنيون الفلسطينيون لأوضاع قاسية في ظل حصار شبه كامل وحالات استهداف مركزة اسفرت عن ٤٣ الف شهيد حتى اللحظة .
تشير التقارير إلى تنفيذ إسرائيل لخطة تُعرف باسم “خطة الجنرالات” التي تهدف إلى إخلاء شمال غزة وإعلانه منطقة عسكرية مغلقة، ومن ثم فرض السيطرة عليه.
خطة الجنرالات، التي وضعتها مجموعة من القادة العسكريين الإسرائيليين المتقاعدين وعلى رأسهم الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي “غيورا آيلاند”، تسعى إلى تجنب حرب استنزاف طويلة مع حماس من خلال الضغط المكثف على السكان وإجبارهم على المغادرة ضمن خطة تضمنت نهجا تصعيديا يعكس الأهداف الإسرائيلية بعيدة المدى لإعادة رسم الواقع الديموغرافي والسياسي في القطاع.
تفاقم الأزمة الإنسانية
أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال غـ. زة إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المياه والغذاء والوقود بعد ضرب أكثر من ٤٠ الف هدف داخل القطاع إضافة لمنع تام تقريباً لدخول المساعدات الإنسانية، فالمستشفيات في شمال القطاع أصبحت على شفا الانهيار التام بسبب النقص الشديد في الأدوية والمعدات، ما أجبر الطواقم الطبية على اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بمن يجب إنقاذه ومن يجب تركه يموت.
منظمات الإغاثة المحلية والدولية لم تسلم من آثار هذا التصعيد، حيث اضطرت بعض الفرق إلى وقف عملياتها بسبب التعرض للقصف أو الاعتقال، تاركة المدنيين بلا أية وسيلة للاستجابة للطوارئ.
تفاصيل خطة الجنرالات
“خطة الجنرالات” حسب تحليلات عميقة لمصادر إسرائيلية متعددة تستند إلى منح سكان شمال القطاع إنذارا بالمغادرة، ومن ثم إغلاق المنطقة واعتبارها منطقة عسكرية يُصنّف فيها من يتبقى هدفا عسكريا، يتبعها سيطرة إسرائيلية دائمة على شمال القطاع ، حتى يتم تشكيل إدارة فلسطينية جديدة.
وعلى الرغم من أن إسرائيل تصرح بأن هذه الخطوات ضرورية لمكافحة حماس وضمان الأمن، إلا أن منظمات حقوق الإنسان تندد كون هذا النهج يُعدّ بمثابة تطهير عرقي وانتهاك للقانون الدولي.
من جانبها أوضحت الأمم المتحدة أن استخدام التجويع والحصار كوسيلة حرب هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ومع ذلك، تدافع الحكومة الإسرائيلية عن الخطوة باعتبارها ضرورية لضمان السيطرة الأمنية، وتتهم حماس بمسؤولية البطء في تسليم المساعدات.
ردود الأفعال الدولية
تواجه إسرائيل انتقادات واسعة بسبب “خطة الجنرالات” من المجتمع الدولي، حيث حذرت المنظمات الحقوقية من تداعياتها الإنسانية على السكان المدنيين ووصفتها بأنها ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، وعلى الرغم من ذلك، لم تبرز أي مبادرات دولية حاسمة لوقف التصعيد أو لتقديم حلول للأزمة المتفاقمة، ويرى بعض المحللين أن الانشغال الدولي بأزمات أخرى قد أتاح لإسرائيل فرصة تنفيذ الخطة دون ضغوط خارجية كبيرة.
يرى محللون أن خطة الجنرالات قد تؤدي إلى عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، خاصةً في ظل تصاعد الانتقادات حول استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، وبحسب بعض الخبراء، قد يُسهم استمرار القتال في تصاعد التوترات الإقليمية، مما قد يزيد من صعوبة تنفيذ الخطة الإسرائيلية دون عواقب دبلوماسية.
ختاما بينما تسعى إسرائيل إلى تحقيق أهدافها الأمنية عبر السيطرة على شمال غزة، تأتي “خطة الجنرالات” بتكاليف إنسانية باهظة تثير تساؤلات حول مدى قانونيتها وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي، ومع استمرار الأزمة وغياب الحلول الدبلوماسية، يبقى الوضع في غزة مرشحا لمزيد من التدهور.
إذا لم يتدخل المجتمع الدولي بشكل حاسم، فإن تداعيات هذه الخطة قد تمتد لتشمل المنطقة بأسرها، وتزيد من معاناة الفلسطينيين الذين يجدون أنفسهم عالقين بين مطرقة الصراع وسندان التجاهل الدولي.
More Stories
العلاقات الروسية-الإيرانية شراكة معقدة في ظل التوترات الإقليمية
عصر جديد للجغرافيا السياسية يتشكّل في COP29
الاتجاهات العالمية لمستقبل القوة العسكرية