يونيو 20, 2025

التعداد السكاني في العراق: أهمية، أهداف، وتحديات

 

دعم : محاور 

يخطط العراق لتنفيذ أول تعداد سكاني شامل منذ نحو ثلاثة عقود، والمقرر انطلاقه في 20 نوفمبر الجاري، وذلك بهدف جمع معلومات دقيقة عن السكان والمساكن لدعم التنمية وتوزيع الموارد بعد سنوات من غياب بيانات إحصائية دقيقة. 

هذا التعداد، الذي أُجل مرارا منذ عام 2003 بسبب تحديات سياسية وأمنية، يأتي في مرحلة دقيقة بالنسبة للبلاد، إذ تعتمد الحكومة العراقية وحسب بيانات رسمية على نتائجه لتحسين التخطيط وتوجيه الموارد نحو المناطق الأكثر احتياجا، كما تأمل أن يسهم في وضع سياسات اجتماعية واقتصادية عادلة.

ويشارك في تنفيذ التعداد نحو 120 ألف باحث ميداني سيتم دعمهم بإجراءات أمنية كبيرة تشمل فرض حظر تجوال يومي 20 و21 نوفمبر لضمان وصولهم إلى جميع المناطق، خصوصا تلك التي تعاني من تعقيدات سياسية وأمنية، وسيتم جمع البيانات إلكترونيا باستخدام أجهزة “تابلت” بهدف تسريع العملية وتقليل احتمالات الخطأ.

لكن التعداد يواجه اعتراضات من بعض المكونات، مثل الأكراد والتركمان، والتي جاءت على لسان شخصيات برلمانية واجتماعية من  أن يستخدم لتغيير التركيبة السكانية في المناطق المتنازع عليها، مثل كركوك، أو التأثير على حقوقهم في التمثيل السياسي وتوزيع الموارد. من جهتها، أكدت الحكومة العراقية أن التعداد سيتسم بالشفافية، وأشارت إلى أنها ستنفذه بفرق مشتركة تضم ممثلين عن العرب والأكراد والتركمان والمسيحيين، لضمان الحياد والنزاهة.

 الأهداف الأساسية للتعداد

1. تحقيق قاعدة بيانات شاملة

يعد التعداد أساسا لتحديد العدد الفعلي للسكان وتوزيعهم الديموغرافي، مما يساعد في وضع سياسات اجتماعية واقتصادية مستنيرة، البيانات التي سيتم جمعها حول التركيبة السكانية، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، والصحة، والتعليم، ستوفر للدولة المعلومات اللازمة لتحديد الاحتياجات الفعلية للسكان.

2. دعم التنمية المستدامة

 سيسهم التعداد في تحديد المناطق الأكثر حاجة للتنمية، مما يساعد في تخصيص الموارد بشكل أفضل ويعزز العدالة في توزيع الخدمات مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.

3. تحقيق شفافية أكبر في توزيع الثروات

سيساعد التعداد على فهم الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المختلفة، بما يمكن الحكومة من توجيه الميزانية وتوزيع الثروات بما يضمن العدالة والإنصاف.

الإجراءات التحضيرية

1. إعلان حظر التجوال وتأمين العملية

قررت الحكومة العراقية فرض حظر تجوال كامل يومي 20 و21 نوفمبر، لتسهيل حركة الباحثين الميدانيين وضمان سير العملية بسلاسة، حيث ستتم حماية فرق الباحثين بالتنسيق مع قوات الأمن في الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.

2. التكنولوجيا الإلكترونية لتسهيل العملية

 سيتم إجراء التعداد إلكترونيا باستخدام أجهزة “تابلت”، حيث تتضمن الاستمارات الإلكترونية بيانات متعددة مثل الحالة السكنية، وعدد أفراد الأسرة، والحالة التعليمية والصحية، ومستوى الدخل، مما يضمن سرعة جمع البيانات وتقليل الخطأ البشري.

 التحديات الاجتماعية والسياسية

1. مخاوف الأقليات من التغيرات الديموغرافية

في ظل تعدد القوميات، تخشى بعض المكونات، من أن يؤدي التعداد إلى تغييرات ديموغرافية تؤثر على تواجدهم وحقوقهم، خاصة في المناطق المتنازع عليها مثل كركوك. وكما تطالب الأقليات بضمان أن يُستخدم التعداد لأغراض تنموية فقط وليس لأغراض سياسية.

2. التباينات الدينية والقومية

تم تصميم التعداد بدون إدراج حقلي القومية والمذهب، والاكتفاء بالديانة فقط، وهو ما أثار قلق بعض القوميات التي ترغب في إدراج هوياتهم القومية، لما لذلك من دور في التمثيل السياسي والمناصب الحكومية.

3. التنسيق بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان

 في ظل حساسيات سياسية بين الأطراف المختلفة، يسعى التعداد إلى إشراك كافة المكونات، وقد تم تشكيل فرق مشتركة تضم العرب والأكراد والتركمان والمسيحيين لضمان شفافية العملية ونزاهتها.

 النتائج المتوقعة من التعداد

سيتيح التعداد فهمًا أفضل للواقع الديموغرافي في العراق، مما يمكن الحكومة من التخطيط المستقبلي بشكل أكثر دقة وفعالية.

 رغم التحديات، يُنظر إلى التعداد كوسيلة لتوحيد الرؤية حول الاحتياجات الحقيقية للمجتمع العراقي، خاصة إذا تم تنفيذه بشفافية وعدالة تعزز الثقة في مؤسسات الدولة.

About The Author