يونيو 20, 2025

العقبات الرئيسية في العلاقات العراقية الإيرانية: تحديات سياسية واقتصادية معقدة

نشر مركز الدراسات السياسية والدولية، ومقره إيران، مقالا للكاتب سيد محمد حسيني تناول فيه العقبات التي تواجه تطور العلاقات بين العراق وإيران، رغم الروابط التاريخية والدينية العميقة التي تجمع البلدين. يوضح الكاتب أن سياسة الجوار التي تبنتها إيران كأولوية في سياستها الخارجية، خصوصا خلال السنوات الأخيرة، تهدف إلى خلق عملية تعاون إقليمي تنبع من الداخل بدلا من التأثر بالضغوط الخارجية. وقد اختارت إيران العراق كنموذج رئيسي لتنفيذ هذه السياسة، نظرا للعلاقات الشعبية والدينية العميقة التي تربط البلدين، بالإضافة إلى الميزة النسبية الفنية والاقتصادية التي تمتلكها إيران في مجالات إعادة الإعمار والبنى التحتية.

يشير التقرير إلى أن العراق يمثل خيارا مثاليا لتنفيذ سياسة الجوار الإيراني بسبب عدة عوامل، من بينها العلاقات الشعبية الوثيقة، خصوصا بين المكونات الشيعية والكردية في البلدين، والدور البارز للمرجعية الدينية في كل من قم والنجف، والذي ساهم بشكل كبير في التقارب بين الشعبين، كما ظهر خلال فترة مواجهة تنظيم داعش عبر تشكيل قوات الحشد الشعبي بتوجيه مباشر من المرجعية. إلى جانب ذلك، فإن حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان أبدتا إرادة سياسية واضحة لتعزيز العلاقات مع إيران بشكل أكبر مقارنة بجيران آخرين.

رغم هذه الأرضية الإيجابية، يوضح الكاتب أن العقبات أمام تطوير العلاقات الجوارية بين البلدين تظل كبيرة، وأبرزها العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران. هذه العقوبات، التي تستهدف القطاعات المالية والمصرفية والتجارية، فرضت قيودا شديدة على قدرة العراق على توسيع تعاونه الاقتصادي مع إيران، حيث تخشى الحكومة العراقية من الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة في حال تجاوز الخطوط الحمراء لهذه العقوبات. كما أن الالتزام الجزئي للعراق بالعقوبات ينبع من رغبته في الحفاظ على علاقاته مع الأسواق المالية العالمية وسلاسل القيمة الدولية، إذ أن أي انتهاك للعقوبات قد يؤدي إلى عزل العراق عن المنظومة الاقتصادية العالمية.

تعمق الكاتب في تناول التحديات العملية التي تسببت فيها هذه العقوبات، مشيرا إلى أن التعاون التجاري والمصرفي بين البلدين بات مقيدا بموافقة وزارة الخزانة الأمريكية، مما يعكس حجم التأثير الأمريكي على المشهد الاقتصادي الإقليمي. كما سلط الضوء على تأثير هذه القيود على المشاريع الفنية والتجارية، حيث تراجعت قدرة إيران على تقديم خدماتها الاقتصادية والهندسية في العراق بشكل كبير، رغم قدرتها التقنية.

يستعرض الكاتب أيضا مسار السياسة الخارجية الإيرانية من خلال تجربتين رئيسيتين: الأولى كانت خلال حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، التي ركزت على الحوار مع الغرب، على أمل أن يؤدي التوصل إلى اتفاق نووي إلى تسهيل العلاقات الإقليمية، لكن هذه الاستراتيجية فشلت بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2017. التجربة الثانية كانت مع حكومة الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، التي تبنت سياسة الجوار والانفتاح على الشرق كبديل للتعامل مع العقوبات، لكنها واجهت تحديات مماثلة بسبب استمرار الضغوط الأمريكية، ما أدى إلى صعوبات في تنفيذ الاتفاقات التجارية حتى مع الجيران مثل العراق والصين.

يرى الكاتب أن السيد بزشكيان والسيد عراقجي يسعيان حاليا إلى بلورة مقاربة أكثر توازنا تجمع بين النهجين السابقين، حيث يهدفان إلى استمرار سياسة الجوار الإقليمية بالتوازي مع الحوار مع القوى الغربية، كوسيلة لإدارة العقوبات والحد من تأثيراتها. إلا أن الكاتب يثير تساؤلات مهمة حول إمكانية نجاح هذا التوجه المختلط، مشيرا إلى الحاجة لرسم خارطة طريق متكاملة تستند إلى الواقعية السياسية والمرونة الاستراتيجية.

يختتم التقرير بالتأكيد على أن تطوير العلاقات العراقية الإيرانية يواجه معادلة معقدة، تتطلب من الطرفين تجاوز العقبات السياسية والاقتصادية من خلال بناء آليات تعاون مستدامة لا تتأثر بالضغوط الخارجية. كما يؤكد أن هذا التحليل يعكس آراء الكاتب الشخصية ولا يمثل بالضرورة موقف مركز الدراسات السياسية والدولية.

About The Author