يونيو 20, 2025

ماذا بعد سقوط الأسد؟

بعد 24 عاما من حكمه، سقط بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024 نتيجة سلسلة من العوامل الداخلية والخارجية التي أسهمت في انهيار نظامه بشكل مفاجئ. جاء هذا السقوط في ظل ظروف إقليمية ودولية معقدة ، أبرزها انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا وتزايد التحديات أمام إيران على الساحة الإقليمية، مما أدى إلى تراجع ملحوظ في الدعم السريع للأسد بسبب الاعتماد الكلي عليهما.

على الرغم من أن الأسد قدم نفسه كحام لبلاده من التطرف ومحارباً للقوى المتشددة التي ظهرت خلال الحرب الأهلية ، فإن السنوات الطويلة من القتال والتدخلات الأجنبية، فضلا عن الضغوط الإقليمية والداخلية وانهيار الاقتصاد، جعلت نظامه هش وعاجز عن التكيف مع المتغيرات .

في أواخر نوفمبر 2024، أعلنت الفصائل المسلحة عن بدء الهجوم الشامل الذي أسفر عن سقوط دمشق في وقت قياسي لم يتجاوز الأسبوعين. هذا الهجوم السريع دفع الأسد إلى مغادرة دمشق في ساعات مبكرة من صباح 8 ديسمبر 2024، في خطوة تعكس فقدانه السيطرة على الوضع الداخلي وانهيار أركان حكمه، الذي كان ينظر إليه لسنوات على أنه قوي ومستقر.

تداعيات سقوط الأسد ستكون معقدة. فالبلاد، التي مزقتها سنوات من الحرب الأهلية، ستواجه تحديات كبيرة في إيجاد نظام سياسي قادر على ضمان الاستقرار، خاصة في ظل سيطرة فصائل مسلحة متعددة ذات توجهات مختلفة. كما أن الاقتصاد السوري، الذي دمرته سنوات الحرب والعقوبات، يحتاج إلى مساعدة دولية ضخمة لإعادة البناء. في هذا الصدد، سيكون دور المجتمع الدولي بالغ الأهمية لتقديم الدعم اللازم، ولكن ذلك يتطلب فهم دقيق لسياسات ونوايا الفصائل ذات التاريخ الإرهابي.

من المتوقع أيضا أن تسعى “هيئة تحرير الشام” وغيرها من الفصائل لفرض رؤيتها السياسية، مما قد يؤدي إلى صراعات مستمرة على السلطة في المرحلة المقبلة. على الساحة الدولية، ورغم تراجع الدعم الروسي والإيراني للنظام السوري وسقوطه الكامل، فإن روسيا وإيران لن تتخليا بسهولة عن مصالحهما في سوريا، فروسيا تعتبر سوريا نقطة نفوذ استراتيجية في المنطقة، وستسعى للحفاظ على وجودها العسكري والسياسي في البلاد، بينما ستعمل إيران على تعزيز وجودها في المنطقة، وربما تجد مخرجا لحل هذه التحديات في سوريا.

وأخيرا، تبرز العديد من التساؤلات حول كيفية إدارة المرحلة الانتقالية. فهناك العديد من القوى العسكرية والسياسية في سوريا التي ستتنافس على قيادة المستقبل السياسي للبلاد. من المرجح أن تظل الصراعات الطائفية والمناطقية على رأس أولويات سوريا المستقبلية، أو سوريا ما بعد الأسد، مما سيشكل تحدياً مستمراً في بناء دولة مستدامة ومستقرة.

المصدر وكالات

About The Author